شرح الأدب كامل للصف الثالث الثانوي

مدرسة الإحياء و البعث
– المقصود بمدرسة الإحياء و البعث :
كما تعود الروح لجسم هامد، فيبعث إلى الدنيا
من جديد بقلب و حـس واع. كان الحـال بالنسبة للشعر العربي فقد استسلم إلى حالة من
الجمود أخذ علي أثرها ينـزل إلى مدارج الضعف و الانحلال منذ وقوع بغداد في أيدي
التتـار ثم عادت إلى الشعر قوته على يد البارودى فكأنه بعث من جديد .
– أشهر الأسماء التي
أطلقت على تلك المدرسة :
المدرسة الاتباعية ثم مدرسة الإحياء و البعث
ثم مدرسة المحافظين ثم مدرسة الشعر العمودي و في النهاية سميت الكلاسيكية الجديدة
على يد أحمد شوقي .
– و نحن نوافق على هذه التسمية لأن شعراءها ـ بالفعل ـ
قاموا بإحياء الشعر العربي و بعثه بعد مرحلة من الضعف الشديد والجمود قبل بداية
النهضة .
مظاهر ضعف الأدب في
هذا العصر [العثماني و المملوكي] :
1-
تفاهة الموضوعات .        2 – ضعف الأسلوب .               3- تقليد القدماء .
– الأسباب التي أدت إلي
ضعف اللغة العربية:
أ- تتريك الدواوين .
 ب-
إلغاء ديوان الإنشاء .
جـ – عدم تشجيع المماليك و الأتراك للأدباء .
د – انتشار الجهل و الفقر و الاستبداد.
هـ – إغلاق المدارس و نقل الكتب و العلماء إلى
تركيا.
و نتيجة لذلك صار الشعر كالجسم الهامد و أصبح في
حاجة إلى بعثه من جديد.
تأثرت النهضة الأدبية
الحديثة بعاملين أساسيين :
1- الاتصال بالحضارة الغربية الحديثة : عن طريق (الحملة
الفرنسية علي مصر – والبعثات التعليمية – والترجمة – والهجرة إلي بلاد الغرب والمستشرقين
.. ومدارس الإرساليات ، واستقدام أساتذة من الغرب للتدريس في مصر ، وإتقان بعض
المثقفين العرب للغات الأجنبية ) .
2- الاتصال بماضينا الحضاري العريق : عن طريق (الوعي
القومي ، و دعوات الإصلاح ، وإحياء التراث العربي  و انتشار المكتبات و المطابع ، و المجامع
اللغوية ، والجمعيات الأدبية ) . و بذلك تم كسر سور العزلة عن مصر .
– رائد المدرسة (محمود
سامى البارودى ) :
البارودي هو باعث الحركة الأدبية في العصر
الحديث حيث ظهر البارودي في وقت كان الشعر العربي فيه مثقلاً بقيود الصنعة اللفظية
، و ركاكة الأسلوب ؛ نتيجةً لضعف الأمة العربية ، و خضوعها مئات السنين لحكم
المماليك و الأتراك ، ولكن الله هيأ له أن يتلقى تعليمه في بيئة صحيحة ، بعيدًا عن
أحوال الضعف الشاملة ، فأكب (
عكف
و أقام

) على قراءة الشعر الجاهلي و الأموي والعباسي ؛ فتأثر بهذا الشعر الجيد ، و تفاعل
معه ، فاكتسب القدرة على محاكاته ، و السير على منهجه ؛ فنقل الشعر العربي من
الضعف إلى القوة ، و تخطى الحواجز و حطم القيود ، و أحيا الشعر و بعثه من مرقده .
و أثبت أن اللغة العربية قادرة على البقاء و الحياة
، و أن أسباب ضعفها غريبة طارئة عليها . فهو يرى أن أسباب ضعف الشعر يرجع إلى ضعف
الشعراء أنفسهم و ليس ضعفا فى اللغة . والدليل وجود شعر جيد فى عصور قوة الشعر
كالجاهلى و الإسلامى و الأموى و العباسى .
العوامل التي هيأت
للبارودي النبوغ في الشعر  
1-   موهبته
الفطرية، واطلاعه على الأدب الجيد، مما تركه السابقون .
2-   حفظه
لكثير من الشعر العباسي الأصيل .
3-   خبرته
بالحياة السياسية، و اشتراكه في المعارك الحربية .
4-   اعتزازه
باللغة الأصيلة، و نفوره من الصنعة اللفظية .
5-   إيمانه
بعظمة أمته العربية و جمال لغتها الخالدة .
مظاهر التجديد في الشعر
عند البارودي و دوره فى إحيائه
ظهر صوت البارودي رصيناً قوياً في عباراته و ألفاظه
متيناً في أساليبه صافيا في أخيلته ، شريفاً في معانيه مشرقاً في ديباجته جزلاً في
تراكيبه ، فلقد استطاع أن يعيد الحياة للشعر بعد أن سلبت منه و بذلك نهض بالشعر من
قاع منحدر إلى قمة شامخة و ظهر ذلك في :
أولا ً : الأسلوب :
1 – ارتقي بالكلمة و العبارة من الضعف و
الابتذال إلى صحة التركيب و قوته .
2 – ابتعد عن البديع المتكلف إلى الرصانة (
الإحكام )و التحرر .
3 – انتقل من التعقيد و الغموض إلى الوضوح و
الإفصاح .
يقول البارودى إحساسا منه بالدور الذى قام به لإحياء
الشعر :
أحييت
أنفاس القريض بمنطقى      و صرعت فرسان
العجاج بلهذمى
-القريض : الشعر                         – العجاج : المراد الحرب                         – لهذمى : سيفى
ثانياً : الموضوع :
1 – ابتعد بموضوعاته
عن التكرار و السطحية و اتجه إلى التجدد و التنوع .
2 -عبر عن الأحاسيس
الذاتية و الحياة المعاصرة ، و القضايا القومية و أحداث العصر.
3 – انتقل بالموضوع
الشعري من الأمور الشخصية التافهة إلى الأمور العامة مثل دوره في إحياء الشعر
العربي و وصف الطبيعة و الشوق لمصر و الحروب التي خاضها و رثاء والده و زوجته و
ابنه و يتغزل و يكتب في السياسة و الوطنيات. 
يقول في شكواه من المنافقين:
       أنا
فى زمان غادر ومعاشر                يتلونـــون تلــــون الحرباء
ثالثاً : الخيال :
1 – انتقل بالخيال من الضيق و السطحية إلى التحليق في
سماء الشعر .
2 – اعتمد على حواسه في أن يجعل من الصور لوحات فنية
متحركة مرئية و مسموعة ، و يظهر ذلك في وصف الطبيعة و الحروب و المعارك و الشوق
لمصر.
يقول عن تجربته مع الخيال الشعرى:
   
تعرَّض لى يوما فصوّرت حسنه             ببلورتى عينى فى صفحة القلب
رابعاً : العاطفة :
انتقل بها من البرودة و الجفاف إلى الحيوية و
الحركة و الذاتية .
خامساً : الموسيقـا :
حافظ فيها علي وحدة الوزن و القافية و كانت
عنده ذات رنين قوي أخاذ .
محاكاة البارودي للقدماء
في أشعارهم
كان محاكاته نابعة من روح المنافسة و تحدي الممتازين ؛
ليثبت أنه مثلهم فقد جاري عظماء الشعر في العصر الجاهلي و الإسلامي و الأموي و
العباسي مثل ( امرئ القيس والنابغة و عنترة و المتنبى و ابن زيدون و أبى نواس .. و
غيرهم ) . و انصرف عن شعراء العصرين المملوكي و العثماني معتمداً علي نقاء الذهن و
الفطرة السليمة و حفظه للجيد من الأشعار و تتلمذه علي يد الشيخ حسين المرصفي .
– و من أمثلة مجاراته للقدماء والتقائه بهم قوله
مستمدا من أبى نواس :
و كم
ليلة أفنيت عمر ظلامها          إلى أن بدا
للصبح فيه قتير
– و يقول أبو نواس :
ومازلت
توليه النصيحة يافعا         إلى أن بدا فى
العارضين قتير
-القتير : أول ما يظهر من الشيب .    – يافعا : من يفع أى ترعرع و ناهز البلوغ .
الخصائص الفنية لمدرسة
الإحياء و البعث
 1- تعدد
الأغراض فى القصيدة كالفخر والوصف والحكمة و غيرها.
2 – البدء بالنسيب ( الغزل ) .
3 – تقليد القدماء فى موضوعاتهم من مدح وغزل
ورثاء وفخر و هجاء.
4 – قيام القصيدة على وحدة البيت بحيث يكون
البيت مستقلا عن الأبيات  .
5 – مخاطبة الصاحبين على عادة القدماء .
6 – التزام الوزن الواحد و القافية الموحدة .
7 – تقليد القدماء في الأخيلة و الصور و
التراكيب .
8-العناية بانتقاء الألفاظ الأصيلة و بالأسلوب
و بلاغته .
تلاميذ البارودى

خطا تلاميذ البارودي بالشعر خطوة فاقت ما صنعه أستاذهم فقد سار
وا علي نهجه و اعتمدوا علي التعلم منه بــ
:
1- المشافهة : أمثال
حافظ إبراهيم و أحمد شوقي في مصر .
2- المراسلة :
أمثال شكيب أرسلان في سوريا و الزهاوي في العراق .
3- المتابعة : من
خلال ما نشر من شعره في كتاب (الوسيلة الأدبية) .
هذا الجيل الذي تكون أخذ يطور الاتجاه
الذي أرسي البارودي دعائمه فأكملوا ما بدأه 
وزادوا عليه
أسباب
اتجاه تلاميذ البارودي للتطوير والتجديد
1 – الانفتاح على الثقافة الأوربية, عن
طريق معرفتهم للغات الأجنبية, واختلاطهم بالأجانب , وقراءتهم للمترجمات الغربية
وبخاصة بعد الاحتلال البريطاني لمصر .
2
– النضال الوطني, والذي أدي إلى الوعي بالتراث القديم وعظمة الماضي العريق مما
جعلهم يعتزون بهذا الماضي .
3
– الإيمان بفكرة الجامعة الإسلامية, التي تعد رمز الوحدة بين المسلمين في مواجهة
الاستعمار الأجنبي , مما دفعهم لحث الشعب على الثورة عليه وعلى جرائمه .
4
– مواقفهم من الأحداث الجارية وبخاصة التي طرأت على الأمة, ومن أهمها القصر الحاكم
, وجوانب الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي , وقانون المطبوعات , وحرية
الصحافة , وتعدد الأحزاب , وتحرير المرأة , وقد عبروا عن مواقفهم منها من خلال
تسجيلهم  لكل هذه الأحداث وغيرها في
أشعارهم .
سمات
التجديد عند تلاميذ البارودى
( أ ) عالجوا مشكلات مجتمعهم و عالمهم
الإسلامي .
(ب) الاهتمام بالجماهير و آمالها .
(جـ) 
مال أسلوبهم الي السهولة بسبب ارتباطهم بالصحافة .
( د ) عبروا عن روح عصرهم الذي عـاشوا في جميع
نواحيه الاجتماعية و الثقـافية والفكرية و الأخلاقية و هذا تمثله الكلاسيكية
الجديدة .
 (هـ)
خطوا بالشعر خطوات عظيمة إذ اهتموا بالجانب الوجداني و لم يهتموا بالمحاكاة و
التقليد بل تفوقوا علي البارودي في الاهتمام بالصياغة وروعة البيان و حلاوة
الموسيقا.
 ( و ) التنوع في الأغراض و ابتكار المعاني و في
سبيل ذلك ساروا في اتجاهين:
1-الاهتمام
بثقافة العصر .                 2-الأخذ
من التراث .    
دور أحمد شوقى في تطوير
المدرسة الكلاسيكية الجديدة
لقد تهيأ لشوقي من الظروف ما لم يتهيأ لغيره من تلامذة
البارودى فقد أتيح لشوقي أن يُبعث إلي فرنسا و يدرس الأدب و القانون . و
أتيح له أن يرى
المسرح ويتصل بكبار الشعراء أمثال ( هوجو – راسين – دى موسيه )
. هذا بالإضافة إلى
ثقافته التركية وتأثره بالجمهور والنقاد والحركة الوطنية .
– دورشوقي في تطوير الشعر يتمثل في :
1-عدل عن المديح و اتجه إلى التاريخ كما في قصيدته (
كبار الحوادث في وادي النيل ). يقول :
همت
الفلك و احتواها الماء          وحداها بمن تقل الرجاء
2-اتجه نحو المنجزات العصرية . يقول عن
الطائرة :
أعقاب
فى عنان الجو لاح         أم سحاب فر من
هوج الرياح
3-اتجه في شعره اتجاهاً إسلامياً .
4-ريادته للمسرح العربي و تجديده في الشكل و المضمون
، فقد أكمل بناء المسرح الشعري ، و ألف عدة مسرحيات ، مثل : علي بك الكبير ، و مجنون
ليلى و مصـرع كليوباترا و قمبيز ( مسرحيات تاريخية ) و الست هدى ( مسرحية اجتماعية
) .  و كل مسرحياته شعرية عدا مسرحية (
أميرة الأندلس ) كتبت نثرًا مع أن بطلها أو أحد أبطالها البارزين هو الشاعر
المعتمد بن عباد.
دور  أحمد محرم في تطويع الشعر العربي
يعد من رواد النهضة في أدبنا العربي المعاصر ، كان شديد
الاعتزاز بعروبته و إسلامه و كان من دعاة الجامعة الإسلامية و عودة الخلافة . و قد
حاول أحمد محرم أن يطوع الشعر العربي للقصص التاريخي الحماسي فألف سنة 1933 ديوان (
مجد الإسلام ) التي يسميها البعض “الإلياذة الإسلامية” . و تعد الإلياذة
الإسلامية أهم أعماله و هى محاولة من الشاعر لإيجاد فن الملحمة في الشعر العربي ،
على غرار ملاحم الأمم الأوروبية .
– و كان قد بدأها بقوله :   

امـلأ
الأرض يـا محمد نورًا      و اغمر الناس
حكمة  والدهورا